أصوات وكراكيب..

يبدو أن كتابة اليوميات كل يوم مسؤولية يجب عدم الإخلال بها، ولكن للأسف تم الإخلال بها من الْيوم الثاني مباشرةً لول، على ما أعتقد المشكله تكمن في أنني أفكر في أحداث يومي واسرد كل التفاصيل في عقلي قائلة أنني سوف أباشر الكتابة بعد قليل، ويبدو أن هذا القليل يمتد الى ما لانهاية. عموما ها أنا أكتب أخيرًا ولذلك تدوينة الليلة هي للأمس واليوم.

لابد أن أذكر أن حديثي الْيوم برعاية برنامج أصوات تقديم ياسر حارب على قناة MBC والأهم أن عزيزي حسام هلالي أحد أعضاء فريق كتابة البرنامج. بما أن الحديث قادنا إلى حسام هلالي وأستاذ ياسر حارب، ففي الْيوم الذي زرت فيه شركة جينوميديا للإنتاج الفني لتسجيل مقابلة مع حسام هلالي عن دور الفن في المجتمعات، قابلت ياسر حارب حيث كان يعتقد أنني أخت حسام مشيرًا إلى صورة لنا سوّيا على فيسبوك.فتجاذبنا أطراف الحديث بصورة سريعة والمضحك أنني بعدما عدت إلى المنزل استوعبت أنني فقط للتو تحدثت مع ياسر حارب كاتب بيكاسو وستاربكس الذي قرأته قبل عدة أعوام وأتابعه على تويتر ولَم يخطر ببالي ذلك أبدًا.

الآن دعنا نعود لبرنامج أصوات فهو برنامج مدة حلقاته لا تتعدى الربع ساعة، لكنّه للآن كما شاهدت يحمل كمًّا مُركَّز من المعلومات تجهزّك لكمّا أكبر من التساؤلات. عنوان الحلقة الأولى كان “الحياة العادية” حيث تتحدث عن رغبتنا في الحصول على حياة استثنائية وأن نصبح استثنائيين، أيضا مدى سعادة الأشخاص الذين يضعون جُل اهتمامهم ومجهودهم لذلك وطرح كثير من الأمثلة التي تشير على أن حقيقة السعادة في اللحظات والتفاصيل الصغيره وحتى في الأهداف قصيرة المدى.

ذلك جعلني أتذكر إجابتي على أخي عندما سألني بعد عدة أشهر من بدأ دراستي في كلية محمد بن راشد للإعلام “وماذا الآن يا رزان، ايش الهدف الجديد؟ مش شايفينك بتعملي حاجه” ويقصد بسؤاله هذا أنني لا أنجز الكثير بخصوص الإعلام حيث أنني أمضيت أكثر من عام فقط أجهز نفسي للقبول في الكلية كهدف أكبر، ولا أنكر شعوري بالخواء بعد أن حققت الهدف وبنفس الصيغة سألت نفسي وماذا الآن؟ وكأن لابد أن اخلق لنفسي هدف جديد ليس من السهل الوصول إليه يجعلني أضع جُل تفكيري وتركيزي فيه دون عيش جوهر اللحظات. لكن كانت إجابتي أنني فقط أعيش ما حققته مع بعض الأهداف الجانبية.

الحلقة الثانية من أصوات كانت بعنوان “لماذا نتعلق بالأشياء” تطرح وتجاوب أفكار عدة بخصوص التعلق سواء التعلق بالأشخاص والعلاقات، التعلق بالأراء والأفكار، أو حتى التعلق بالأشياء والماديات وبصرف النظر أنه من المؤكد أنني سوف أكتب عن التعلق والتمسك بالأراء والأفكار في وقتٍ آخر .

جاءت الحلقة في وقت مناسب جدا وذلك لأن الْيوم انتقلت إلى غُرفةٍ ثانية في السكن الجامعي ومع إنه لم يمر أكثر من ٩ أشهر على وجودي هنا فأثناء نقلي للأشياء وترتيبها وجدت أنني أُكوّم أشياء كثيرة لم أستخدمها قط منذ أن خزنتها، وأن أشياء كثيرة تأخذ حيّز فقط دون أي جدوى علمًا أن هذا فقط في ٩ أشهر .

هذا يعيدني أيضا لكّم الأشياء التي تم رميها عندما قررنا الانتقال إلى السودان والكم الأكبر من الأشياء التي تم شحنها ولَم تفتح أو نحتاج إليها حتى الآن.

بالطبع لا ننسى أن نقيس تعلّقنا بكل الكراكيب بغض الطرف عن ماهية هذه الكراكيب سواء كانت كراكيب فكرية، بشرية، أو كراكيب بمعناها الحقيقي ههه.

وبما أني تحدثت عن الغرفة الجديدة فالآن اتشاركها مع فتاة مصرية تبدو لطيفة والمختلف والأكثر أهمية أنني الآن سوف أعيش مع شخصية أفهم لغتها وتفهم لغتي، نتشارك الثقافه، واللغة، والخلفية إلى حد ما، وإن دل ذلك على شيء فسوف يكون أنه شيءمثير للأُلفة والريبة حقيقةً.

صباح المطر المُطهِّر..

الأثنين الثامنة صباحًا الموافق السادس عشر من شهر مايو عام ٢٠١٨، أول يوم أبدأ فيه تدوين يومياتي كمهمة من مهام مادة ثقافة الإعلام والمجتمع. في الحقيقة أشكر بروفيسور موسى على هذه المهمه وهذا لأن لي عامين من التقاعس المستمر والمماطلة في شأن كتابة يومياتي أو حتى بعض المذكّرات في المناسبات، فالرغبة في عمل ذلك تراودني منذ زمن ليس بقريب إلا أنني أدوّنها كأحد أهدافي الرئيسيّة كل عام منذ أن اشآدت بها الروائية ليلى أبو العلا في أول ورشة عمل أشارك بها للكتابة الإبداعية. فكما كانت تقول: كتابة اليوميات والمذّكرات وسيلة فعّالة جدا لتحسين الكتابة، واستمراريتها، والبعد من الوقوع في شر الكتابة المتقطعة، والبطيئة والمخيّلة الجافة.

إن السبب وراء استيقاظي مبكّرا هو أنني أريد القيام ببعض البحث عن موضوع ادمان وسائل مواقع التواصل الإجتماعي ويجب أن أنوّه أن هذا حدث بعد مضيّ ساعةٍ على استيقاظي وفتح عيّني متنقّلة بين التطبيقات مطبّقه المعنى الفعلي للإدمان ههه.

الْيوم هو الْيوم المتمم لشهر شعبان من عام ١٤٣٩ هجريًا ممّ يعني أن غدًا الخميس أول أيام شهرِ رمضان، والمختلف في ذلك هو أنه أول رمضان في دبي وأيضا هو أول رمضان لي بمفردي، بمفردي تمًاما ولا أدري حقيقةً ما شعوري اتجاه ذلك، فعندما قال لي أحد أصدقائي تمنّيتُ أن تكوني في السودان في رمضان أجبته أنني عندما تذكّرت رمضان الماضي وأجواءه تذكرت رمضان في السعودية بكل تفاصيلة،منزلنا، جارتنا سوسن وبناتها والكثير من الأشياء الأخرى. فتوقفت لحظة وانتبهت أن رمضان الماضي في الحقيقة كان أول رمضانٍ في السودان بعد انتقالنا للعيش هناك وبالرغم من كل التفاصيل اللطيفه مع أسرتي وصديقاتي التي يمكن أن أسردها لكم عنه فإنني لم أشعر بالحنين إليه بنفس الطريقة والمستوى والمؤسف في كل هذا أنني أشعر بالحنين الى مكان لم أعد أنتمي إليه ولَم أنتمي إليه يومًا أو بصيغةٍ أخرى أنا أشعر بحنين اتجاه وطنٍ غير موجود وهذا لا يعني أنه غير موجود فعلّيا ولكن ليس لي حق أن أشعر بما أشعر ولا أنا أريد ذلك أيضا.

والآن دعكم من هذا الحديث لأن بعضًا من قطرات المطر تتساقط على شاشة هاتفي. يبدو أن هذه بركاتُ الرب تُبشّر بقدوم رمضان مذكرًا الناس بأن يتطهروا لملاقاته.