صفقة قرن واحدة ومواقف متباينة

بين كلمات لعبة، “أنا سندباد” التي كنّا نلعبها ونقول “فلسطين بلادنا واليهود كلابنا، دقوا على أبوابنا زي الشحاتين” وتقاسيم عود مارسيل خليفة وصوت غنائة لكلمات شعر سميح القاسم الثورية، “منتصب القامة أمشي مرفوع الهامة أمشي، في كفي قفصة زيتون وعلى كتفي نعشي” كان يترائى للطفل منا حينها أن القضية الفلسطينية في وجدان العرب أجمع وموقفهم متوحّد اتجاهها. مضت عقود وبات السؤال هل هذا شعور وجداني كاذب أم فيه قدرًا من الصحة؟

فبالرغم من أن سياسيات الدول ومواقف أنظمتها، قد تختلف عن أرآء وانتماءآت شعوبها في شأن القضية الفلسطينية. إلا أنّ ردود فعل الدول العربية وشعوبها كانت في تباين شديد، أعقاب اعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (صفقة القرن)،أو خطة ترامب للسلام بين الفلسطينين والاسرائيليين في الثامن والعشرين من كانون الثاني/ يناير الماضي ٢٠٢٠.

لماذا يرفض الفلسطينيين صفقة القرن؟

شهدت صفقة القرن رفضاً فلسطينياً منقطع النظير لجميع بنودها، حيث أن من أبرزها: إنشاء دولة فلسطينية منزوعة السلاح. القدس عاصمة غير مقسمة لإسرائيل، ويمكن أن تكون هناك “عاصمة فلسطينية في القدس الشرقية”، ومنع حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

وجاء موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس في اجتماع وزراء الخارجية العرب، الذي عقد في القاهرة في الأول من شباط/ فبراير الجاري، بين مشكك ومؤكد لمصداقيته ب”قطع كل العلاقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل، بما في ذلك العلاقات الأمنية”. وتقول المنتجة والصحفية الفلسطينية شهد بن عودة، “إن الشعب الفلسطيني دائما ما يكون الحلقة الأضعف في خضم القرارات السياسية؛ إلا أن الرفض جملةً وتفصيلًا مازال موقفهم المتفق عليه”.

الموقف العربي اتجاه صفقة القرن؟

لا مجال للجزم عندما يأتي الحديث عن الرفض العربي لصفقة القرن، حيث أن المواقف تباينت بين مؤيد ومناهض جهرًا أو سراً، رسميّا وشعبيّا. فلم يخلو مؤتمر إعلان صفقة القرن من العنصر العربي، وحضر سفراء الدول الآتية:الامارات البحرين وسلطنة عمان. بينما في الجانب الآخر جاء رفض الجامعة العربيه لصفقة القرن أعقاب الإعلان عنها، وذلك بحضور جميع وزراء الخارجية الأعضاء العرب. مما قد يخلق شكل من أشكال التناقض بين مواقف العرب الرسمية وردود أفعال ممثليها. ونشرت الدول المؤيدة لصفقة القرن تغريدات رسمية لمواقفها مثل:

وعارضت بعض الدول الصفقة مثل تركيا وإيران والأردن ويقول المدوّن الأردني مهند جهاد بخصوص الشأن الأردنيّ، الأردن هو البلد الأول المعني بهذه الصفقة بعد فلسطين. وذلك لعدة أسباب، أولها ديموغرافية المجتمع الأردني حيث نسبة الأصول الفلسطينية تشكل نسبة ٤٥٪ ، ثانياً وصاية الهاشميين للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وثالثاً تحمل الأردن عبئ إضافي بتوطين اللاجئين الفلسطينين مع إلغاء حق العودة.

مواقع التواصل الاجتماعي تحتضن موجة غضب العرب!

اشتعلت نيران موجة غضب على مواقع التواصل الاجتماعي تزامنًا مع الإعلان عن صفقة القرن ويقول الصحفي اللبناني عباس سرور من محطة الـ”بي بي سي” في لندن، امتد الغضب عقب اعلان الصفقة في جميع البلدان العربية والإسلامية ومعظم البلاد الغربية. وأضاف، يؤكد هذا الغضب أن ما حدث اليوم هو تصفية للقضية الفلسطينية.

وأطلق المستخدمون عدداً من الوسوم المنددة والرافضة لخطة صفقة القرن، مثل #صفقه_القرن و #تسقط_صفقه_القرن و #القدس_عاصمه_فلسطين_الابديه و #القدس_ثمنها_دم و#صفقه_القرن_لن_تمر وغيرها من الوسوم التي وصلت لقائمة أكثر الوسوم انتشاراً في معظم الدول العربية.

وفِي الجانب الآخر، شهدنا تغريدات أخرى تؤيد صفقة القرن مثل:

عندما يلعب الإعلام اللبناني دور القضاء في قضية زوج نانسي عجرم

دفاع عن النفس أم قتل عمد؟،لاجئ سوري لص أم عامل يبحث عن مستحقاته؟ تساؤلات يطرحها الجميع حول قضية مقتل الشاب السوري محمد موسى، على يد زوج الفنانة اللبنانية نانسي عجرم فادي الهاشم. وبين التفسير والآخر سببّ الكشف عن جنسية الموسى “السورية”، ووصفه بالسارق من أولى التغطيات الإعلامية الرسمية، إشعال نيران التحيّز غير المثبت وإثارة الرأي العام. في حين أن المادة 11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص، على أن كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئًا، إلى أن يثبت ارتكابه لها قانونًا في محاكمة علنية تكون قد وفرت له فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه.

وفِي سياق ذكر جنسية الموسى، زادت خطابات الكراهية التي ساعدت في ترسيخ بعض الصور النمطية المتصلة بقضية اللاجئين السوريين في لبنان. والتي تذّكرنا بإدلاءات وزير الخارجية اللبناني المتكررة جبران باسيل، حيث قال الأخير، في كلمة بالاجتماع الوزاري العربي الأوروبي في بروكسل، إن “مليون ونصف نازح سوري أرهقوا لبنان مادياً بخسائر وصلت إلى 40% من ناتجه القومي، وهم يهددون وجوده بتمزيق نسيجه الاجتماعي” حسب ما ورد على سي إن إن. ويقول رئيس قسم الاقتصاد في الجامعة اللبنانية الأمريكية غسان ديبا “يستغل لبنان وجود اللاجئين السوريين لاستجداء مساعدات دولية، واستمرارية اللوم على الأعباء الاقتصادية”. وتحدّث ديبا في هذا الشأن بإسهاب في مقال بعنوان “ماركس ضد سبنسر | أزمة الرأسمالية اللبنانية: استغلال اللجوء السوري” على موقع الأخبار.

بينما بررت نانسي من طرفها على اتهامها باضطهاد السوريين في لبنان في مقابلة برنامج ترندنج على قناة (ام بي سي) قائلة” نحن نتعامل مع الإنسان كإنسان. وردة الفعل أتت من أب رأى شخصا يدخل الى بيته ولا يعرف شيئا عنه يدخل الى حرمة بيته. لو كان لبناني.. لو كان قريبه من لحمه ودمه.. سيتصرف نفس الشيء.

واعتبرت ردود فعل إعلاميين آخرين متحيّزة كذلك، دون صدور حكم قضائي نهائي في قضية الموسى، حيث استضاف الإعلامي اللبناني طوني خليفة زوجة القتيل في لقاءٍ حصري على قناة “الجديد” اللبنانية والتي أظهر فيه تحيّزه الكامل لطرف نانسي عجرم في القضية.

وقال الصحفي بتلفزيون العربي أحمد ياسين في شأن الإعلام اللبناني، “يلعب الإعلام وفق أجندات يرسمها له مموّليه والحزب المسؤول عنه، فإذا أراد أي حزب معارضة الوجود السوري في لبنان، سوف يهاجمه عبر وسائله الإعلامية والعكس أيضاً”. وأضاف ياسين “الإعلام يلعب دور محوري، حيث أنه المسؤول عن البروبجندات والسياسات التي تُرسم، وهو المسؤول عن صناعة الوعي المجتمعي والتوجيه”. ولفت ياسين أن قضية مقتل الشاب في منزل الفنانة نانسي عجرم هي قضية قضائية حاول الإعلام استغلالها لكسب مشاهدين بسبب شعبية عجرم مما أنتج خطاب عنصري متحيّز.

وتحوّل موقع التواصل الإجتماعي تويتر إلى ساحة معركة انقسمت بين متهميّ نانسي وزوجها وبين المدافعين عنهم. فجاء الإعلامي نيشان في تغريدة منصفًا نانسي، وتسائل عما إذا نجحت “عملية السطو”، وقال “ماذا لو أتى الخبر كالآتي: عمليّة سرقة انتهت بِمَقتَل نانسي عجرم وبناتها! كيف كانت لِتَكون ردود الأفعال؟!

وفِي ذات السياق غرّدتا الفنانتين اللبنانيتين إليسا ونديم نجيم دفاعًا ومواساةً لنانسي:

وعلى الجانب الآخر، نرى بعض المشاهير الذين أدانوا موقف الإعلام اللبناني مثل الممثلة السورية كندة علوش والإعلامي اللبناني جوزيف طوق :