شعور العزله والانغلاق الذي يصيبك بعد عدة مرات من الحوارات التي حالت دون استماع، ذاك الشعور أن لا أحد يشعر بك او يفهم ما تريد إيصاله! ،أن مشاعرك لابد أن تتحرر لكنك لا تجد مستمع جيد،لا تقلق فأنت ليس الوحيد في هذا العالم !، يقال أن نصف الكره الأرضيه تشتكي من أن النصف الآخر لا يستمع وإذا سألنا النصف الآخر سوف نجد نفس الإجابة ،وأن تكون مستمع جيد لا يعني ذلك أنه يجب عليك إسداء نصائح او حتى الرد، أحيانا يكون السكوت اجابة كافيه اذا كانت جميع حواسك مع الطرف الآخر تشاركه الشعور وتجعله يحس بالاطمئنان.
المشكلة تكمن في جوانب كثيره من احاديثنا، طريقة تلّقينا للحديث ، قلة معرفتنا بأهمية الاستماع وكيفيته، فنحن في الحقيقة نسمع ونفهم ما نريد من احاديث الناس، على الاقل يجب الاعتراف بذلك و أننا نعري الاهتمام ونستمع بشغف فقط عندما يهمنا الأمر. و من مظاهر عدم الاستماع أن أغلب مشاكل الازواج بسبب أن كل طرف من العلاقه لا يستمع ويأخذ موقف عدائي في الإجابة فتجد الزوجة مثلا تقول يجب عليك اللعب مع ابننا أكثر وكل ما يفهمه الزوج أنها تقول له انك لست اب جيد، هي أخطئت في الأسلوب لأن دائما الجمل التي تبدأ ب يجب تحول الى عدم الاستماع وفهمها بطريقه عدائية مُحبِطه وهو أخطأ عندما أخذ موقف دفاعي في رده ، مؤكد في يوم من الايام أطريت ومدحت احد بالذات اذا كان قريب منك او شريك حياتك في شيء ووجدت انه انزعج او شعر انك تسخر منه فمثلا عندما تمدح قوام امرأة وهي تشعر في قرارة نفسها انها يجب عليها خسارة بعض الوزن في الأغلب لن تفهم المديح بصورته الصحيحه الكاملة فنظرتنا لأنفسنا أكثر أهمية وتأثيرا من نظرة الناس إلينا لكن ما لم ننتبه إليه ان نظرتنا لأنفسنا تتأثر حقا بما يبدونه الناس إلينا ويشعرونا به الأمر يبدأ صغيرا الى أن ينحرف في العقل الباطن ، أو عندما تحكي لصديق عن انك مازلت متردد في اختيار التخصص الجامعي و سوف تغير اختيارك الاخير أيضا فتكون الأجابه افعل ما يحلو لك أو أنا قلت لك رأيي في هذا الشأن وارى أن ذاك التخصص أنسب لك، لكنه لم يفهم أنك عندما اتيت له كان كل ما تريده أن تفصح عن مدى سوء شعور التشتت فأنت بالكاد تعلم أن الخيار بيدك ولا تحتاج احد لقول ذلك .
ناهيك أيضا عن اسلوب و ” وأنا أيضا” فيأتي الشخص يحكي عن معاناته مع المرض او مشاكله الأسريه أو أي حدث وشعور فتجد المستمع قبيل حتى أن تنتهي من حديثك يبدأ ب أنا أيضا ويتحول الحديث عنه ، ربما نيته صافيه ويريد أن يشعرك أنك لست الوحيد الذي يحصل معه هذا الشيء او حتى مجرد انجراف حماسي مع الحديث، لكنه لم ينتبه أن الحديث ليس عنه وأن تصغير معاناة شخص حتى يشعر بشعور أفضل لن يصغّر او يقلل حقا من مدى حجم الأمر
.
فقدان الاستماع يؤدي الى كبت المشاعر وقلة الحديث عن المشاكل التي تواجهنا، الاحزان والاسى وحتى مشاعر الفرح ، يحولنا الى أشخاص غير قادرين على البوح، مشككين بصدق مشاعر اهتمام الناس إتجاهنا ، محبطين نحاول عزل دواخلنا، فلا ننسى ان عندما نحاط بأُناس يعيون بما يختلج في صدورنا ويفهموا ذاتنا ويستمعو لنا نحس بالتقدير ونكون مقبلين على الحياة
جزء من أفكار كتاب “
هل تنصت حقا ؟ – ماري أي . سيجيل / بول جيه . دونوجي .