بودكاست مقاطعات

هنا رزان محمد من بودكاست مقاطعات، بودكاست بيعكس اسمه سواء مقاطعات فكرية شخصية أو حتى جغرافية، مقاطعات كلمة بتحمل أكثر من معنى وجميع هذه المعاني تجدونها هنا…

الحلقة الأولى| من أنا وماذا أريد؟

الحلقة الثانية| لماذا نحن إلى الماضي؟

الحلقة الثالثة| الخرافات الشعبية

بريد الليل رواية أصحاب الرسائل الضائعة

بريد الليل رواية للروائية اللبنانية هدى بركات. صدرت الرواية لأوّل مرة في العام 2018 عن دار الآداب للنشر والتوزيع في بيروت. وبالرغم عن رفض بركات الترشح، حازت على الجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2019، المعروفة باسم “جائزة بوكر العربية”.

تدور أحداث رواية بريد الليل حول مجموعة من خمس رسائل لا نعرف أسماء كتابها، شخصياتها ولا مواقع كتابتها الجغرافية. شخوص الخمس رسائل لا يعرفون بعضهم البعض لكن رسائلهم تقع بين أيدي بعضهم واحدة تلو الأخرى بمحض الصدف حسب سياق الرواية. مما يجعل الشخص الذي وجد الرسالة محاولة تفسير ما يقرأه من ثم البدء في حكاية قصته في شكل رسالة أيضا. وتقع هذه الرسالة في يد الشخصية التي تليها. تتنوع أهداف وشخوص الرسائل فهناك من يكتب لحبيبته، وهناك من تكتب لأخيها. ما يشترك بين جميع كتاب الرسائل هي الإحساس بالوحدة، الألم، الغربة، وذلك لأن جميع الشخصيات، عرب مهاجرين عن أوطانهم الأصلية، مهمشين بصورة أو أخرى، وهاربين من شيء معين. الرسالة التي تقع في يد الشخص الآخر تحرك شيء ما داخله وتدفعه لكتابة رسالته الخاصة.  

تنقسم الرواية إلى ثلاث أجزاء مختلفة، الجزء الأول “خلف النافذة” وهو الجزء الأكبر من الرواية حيث يضم الخمس رسائل، والجزء الثاني وهو “في المطار” والثالث ” موت البوسطجي” وفي تلك الأجزاء تنعكس بعض صلات الترابط بين شخوص الشخصيات وأيضا الأطراف المرسلة إليها الرسائل التي لم تصل يوما. مما يجعل القارئ قادر على رؤية الأحداث الأطراف بصورة أوضح.  

فالرسالة الأولى تدور حول رجل يكتب لحبيبته وخلال الرسالة يبوح بمشاعره لها، لكنه يترجل بين ماضيه وحاضره أيضا وخلال سرده يشعر أن هناك من يراقبه من خلف النافذة بصورة مستمرة. فتنتهي رسالته بأنه يقرر الذهاب إلى الشخص الذي يراقبه ولا يعود لينهي الرسالة ولا نعرف مصيره. وتجد صاحبة الرسالة الثانية الرسالة الأولى صدفة في دفتر الهاتف في فندق قديم نزلت فيه لمقابلة حبيب قديم.  

وصف الرواية على خلف غلافها ” حكايات أصحاب الرسائل، التي كتبوهاوضاعت مثلهم في البحر. لكنّها تستدعي رسائلَ أخرى، تتقاطع مثل مصائرهؤلاء الغرباء. هم المهاجرون، أو المهجّرون، أو المنفيُّون المشرَّدون، يتامىبلدانهم التي كسرتها الأيَّامُ فأحالت حيواتِهم إلى لعبة “بازل”.  “ليس في هذهالرواية من يقين. ليس مَن قَتَلَ مجرمًا، ولا المومسُ عاهرةً. إنّها، كما زمننا، منطقةالشكّ الكبير، والالتباس، وامِّحاء الحدود… وضياع الأمكنة والبيوت الأولى”.  

علاقتي مع الرواية لا تقتصر على مجرد رواية قرأتها وأكتب عنها مراجعة نظراً لمقابلتي لهدى بركات في مهرجان طيران الإمارات للآداب في جلسة حوارية عنالرواية قبل بدئي في قرائتها. وكشخص مغترب طيلة حياته مثلي ومثلها جعلنيأشعر بأن الرواية سوف تتحدث معي شخصيا بصورة أو أخرى. فكما قالتبركات “يُتم الوطن يخلف في غالبة الوقت مرارة  تجعلك تكره الوطن وتتساءللماذا لا يحتضنني”. 

فرواية بريد الليل ذات المئة وستة وعشرين صفحة، والتي لا تعتبرها هدى بركات من أدب الرسائل رغم محورة مضمونها حول الرسائل ولا تعتبرها “نوفيلا” أو مجموعة قصصية. في رأي الشخصي هي رواية عابرة للمواقع الجغرافية والتعاريف. عابرة لأهمية المكان ومعلومات الشخصيات. فالقارئ عندما يقرأ بريد الليل لا يحتاج أن يعرف هوية الشخصيات لأن المعنى والرموز أكبر وأشمل. ولأن المشاعر والظروف المسردة تجعل القارئ يشعر بالألفة تجاه هذه الظروف من مشاعر فقد، اغتراب، صراع الهوية والبحث عن الأوطان، والهروب والبحث عن الذات في نفس الوقت.  

وبالرغم من قصر الرواية إلى أنني أخذت وقت في الانتهاء منها. البعض يرجع  ذلك إلى أن الرواية غير حماسية وهادئة السرد أو غير مثيرة للاهتمام أو أنها متحيزة ضد العالم العربي وما يسببه من أسى لدرجة أن يصبح طارد لأبناء جلدته. إلا أنني أرجع ذلك إلى ارتباطي بكثير من الأحداث والمعاني وربما القليل من الشعور بالضياع خلال القراءة. ولم أشعر أن هذا الشيء يقلل من قيمة وحقيقة الرواية، حيث بعض من الشعور بالضياع أو حتى ببعض الملل، يمكن أن يكون جزء من الشعور الذي يصاحب حقيقة شعور النص نفسه . 

أيضا الرواية واجهت عدة انتقادات وانقسم قرائها إلى فريقين خصوصا عقب حصولها على جائزة البوكر. بعض الانتقادات أن الرواية تحمل الكثير من الفجاجة و الإيحاءات الجنسية. إلا أنني أرى أننا تعودنا على قمع حقيقة أن الجنس جزء لا يتجزأ من واقعنا على عدة مقاييس. وأن مقدار الإيحاءات الجنسية يتماشى بشكل مناسب مع فكرة أن جميع الشخصيات يتمتعوا بقدر من التحرر نسبة لاغترابهم مثلا. 

اقتباسات: 

“أفكّر أحيانًا في الرسائل التي لا تصل إلى أصحابها والتي تتكدّس في مكان ما لا يعرف مُرسلها ما حلّ بها تتكدّس الأوراق الميّتة في زوايا الشوارع الفارغة. وربّما باتوا يحرقونها الآن فالناس صاروا يعرفون أن لا أمل في وصول رسائلهم، وربّما ماعادوا يكتبون أصلًا”

“أنا حزين فعلا، إذ أكتب إليك عن ترددي، عن رواحي ومجيئي بين راحةالتخلص منك ومأساة خسارتك وفشلنا معاً”.«حين ضربتك أول مرة، وأسرعت إلى احتضاني، عرفت أن خلاصي منكسيكون أصعب مما توقعت. قلت لك في اليوم التالي، معتذرًا، إني لا أعرف ماذاتريدين مني، فأجبت دامعة بأنك لا تريدين شيئًا البتة. البتة؟ ولو؟! لا شيءالبتة؟ لماذا تبدين، إذن، كمن يحمل وعاء فارغًا يدور به من حولي وأنا أجهل ماعساي أملأه به».

فيروس كورونا والإشاعات إلى أين؟  

انتشر فيروس كورونا (كوفيد١٩) انتشارًا كارثيًّا في جميع أرجاء العالم؛ ومحاذاةً مع هذا الانتشار الواسع انتشرت العديد من الأخبار الكاذبة التي تضر بحياة البشر. وبينما حذرت جمعية الإمارات للمحامين والقانونيين من خطورة إنتاج ونشر الإشاعات الكاذبة التي تهدد أمن واستقرار المجتمع عبرصحيفة البيان. اختلفت مصادر الإشاعات المنشورة سواء مواقع التواصل الإجتماعي، وسائل الإعلام التقليدية، أو حتى تصريحات قادة ورؤساء دول.

مثلما نشرت مؤثرة التواصل الإجتماعي فاطمة المؤمن فيديو تشرح فيه أن شرب الماء كل خمسة عشر دقيقة يحمي من فيروس كورونا. وزعمت صحيفة واشنطن تايمز الأمريكية، في تقرير أن ڤيروس كورونا صُنّع في معهد ووهان للأبحاث الوبائية والفيروسات في الصين، وصممّ كسلاح بيولوجي لتدمير العالم. بينما صرّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن فيروس كوفيد ١٩ مجرد إنفلونزا سوف تزول مع دخول فصل الصيف وجوه الحار.

وعلى إثر هذا الصدد تنشر منظمة الصحة العالمية بصورة دورية أحدث تطورات الفيروس التي تنفي الكثير من الأخبار الكاذبة، مثل عدم اكتشاف لقاح علاجي للمرض، أو معرفة مصدره بصورة قاطعة. وتشدد المنظمة على اتباع الإجراءات الوقائية والاحترازية من الفيروس كغسل اليدين وعدم لمس الوجه. وبدأت عدة حكومات وجهات مثل موقع فيسبوك في العمل على الحد من الإشاعات وسرعة انتشارها عبر الأسافير والأفراد.

في ظل كورونا: إلى أين يتجه الاقتصاد العالمي

بينما يتزايد اجتياح فيروس كورونا كوفيد ١٩ العالم، يتخبط الاقتصاد العالمي أمام مواجهته بصورة كبيرة، حيث يشير تقرير الأمم المتحدة أن فيروس كوفيد ١٩ “تسبب حتى الآن في انخفاض يقدر بنحو 50 مليار دولار أمريكي” في التجارة بين الدول”. بالإضافة “قالت رئيسة قسم التجارة الدولية والسلع التابعة للأونكتاد، باميلا كوك-هاميلتون، إن من بين الاقتصادات الأكثر تضررا مناطق مثل الاتحاد الأوروبي (15.5 مليار دولار) والولايات المتحدة (5.8 مليار دولار) واليابان (5.2 مليار دولار)”. ولم يقتصر الضرر على عالم التجارة العالمية بل طال مجالاتٍ عدة ووضعت حياة الأفراد والمنشآت المالية على المحك.

لا مجال لتعافي عالم السياحة في ٢٠٢٠

تسبب فيروس كوفيد١٩في أشبه ما يعد تدمير عالم السياحة، حيث قال المستشار السياحي وصاحب مبادرة زوروا السودان أمجد محمد،”لا مجال لتعافي عالم السياحة في ٢٠٢٠”. ويضيف محمد أن “الحياة متوقفه والعالم يعيش عزلة تامة. لاحجوزات طيران، ولا مجال للتجمعات بجميع أشكالها. ويقول محمد “وما يزيد من عمق المشكلة أن الفيروس اجتاح دولة الصين وهي التي يعد مواطنيها سياح بدرجة أولى. فمثلا في عام 2018، قام السياح الصينيون بأكثر من 53 مليون رحلة إلى أجزاء أخرى في آسيا فقط ناهيك عن وجهات باقي العالم. بينما اجتاح أيضاً دولة كإيطاليا وهي التي تعتمد بصورة كبيرة في اقتصادها على السياحة والثقافة.

وتقول الأرقام إن “قطاع السياحة يستعد لخسائر قد تصل إلى 75 مليار دولار بسبب فيروس كورونا” بحسب محطة cnn عربية. وبحسب تقرير منظمة السياحة العالمية أن “خسائر السياحة الأوروبية حتى الآن 2 مليار يورو، والخسائر مستمرة بمعدل مليار يورو شهريًا تقريبًا، بالإضافة إلى خسائر قطاع الطيران التي بلغت حوالى 30 مليار دولار أمريكي.

الأمان الوظيفي ورعب البطالة

هدد فيروس كوفيد١٩ الأمان الوظيفي للكثير من الأفراد حول العالم في مختلف المجالات. ويقول اقتصاديون بحسب تقرير صحيفة الواشنطن بوست ” أكثر من مليون موظف قد يخسرون وظائفهم في الولايات المتحدة فقط دون غيرها من الدول”. وفِي الجهة الأخرى من العالم يتألم موظفي مدينة دبي في عدة مجالات رائدة كالسياحة والترفيه وتنظيم المناسبات والمؤتمرات والعقارات.

فتقول مديرة الموارد البشرية في شركة تيب فاكتور الترفيهية ماريا محمد، “لم نستطيع دفع رواتب موظفّينا كاملة لشهر آذار (مارس) الحالي” وتم إلغاء جميع حجوزات المناسبات حتى نهاية شهر آيار(مايو) القادم حتى الآن، مما يجعل موظفينا تحت خطر أكبر. وتقول مسؤولة التنظيم في مسرح الإمارات مول أية عادل، جميعنا في الشركة المسؤولة عن مسرح الإمارات مول نعمل بعقود عمل حرة فالبتالي لا رواتب بعد منتصف شهر آذار (مارس) الحالي، إلى أجلٍ غير مسمى.

ويقول المحلل المالي والخبير في صناعة الخدمات المالية عمرو زكريا عبدو، “ما يختلف في أزمة فيروس كوفيد١٩ أنها أزمة طالت مستوى الأفراد وعرقلة أمان حياتهم”. وأضاف عبدو”وذلك يختلف مثلا عن الأزمات السابقة كأزمة ٢٠٠٨ والتي تعد أكبر أزمة اقتصادية عالمية بعد أزمة الإكتئاب العظيم ١٩٢٩، أنها طالت المجال المالي والمصرفي بالأخص”.

مصائب قوم عند قوم فوائد

يذكر أن بينما يدخل العالم والعديد من المجالات في حالة من نوبة الهلع ومشارف أزمة عالمية جديدة. يوجد من هم مستفيدين من فيروس كوفيد١٩ ماليًا بصورة ضخمة. فبعدما ضربت الكورونا البيروقراطية في مقتل، مازالت ترتفع أسهم شركات الاتصال المرئي والإجتماعات الإفتراضية بنسب عالية. فارتفع سهم شركة زوم للاتصال المرئي والاجتماعات بنسبة ٥٠٪ وارتفع عدد مستخدميه بنسبة ٢ مليون مشترك حتى الآن.

وازدهرت التجارة الإلكترونية نظرًا للعزل المنزلي الذي يعيشه العالم وإغلاق مرافق التسوق، في ذات الأثناء التي يخسر موظفين أشغالهم. حسب الموقع الرسمي لموقع أمازون للتسوق الإلكتروني، يعمل أمازون في العمل على توظيف مئة ألف موظف جديد نظرًا للطلب العالي. وأيضاً زاد العزل المنزلي من أسهم منتجي الأفلام والمسلسلات الإسفيرية مثل نتلفكس وأمازون برايم وأبل تي ڤي، فحتى الآن يشهد سهم نتفلكس وحيدًا ٢٠٪. ناهيك عن مجال الكمامات الطبية مثلا، فبحسب شركة 3m الرائدة في تصنيع الكمامات، زاد إنتاجها اليومي من ١٠ مليون كمامة إلى مئة وعشرة كمامة.

متى يكون الآخرون جحيماً

إلى أي مدى يؤثر عمق علاقتنا بأشخاص في حياتنا على ذواتنا، وقراراتنا، صحتنا النفسية ونظرتنا لأنفسنا؟. فيقول جان بول سارتر “الآخرون هم الجحيم” وهي إقتباس من مسرحيته (لا مهرب) التي تدور أحداثها حول أشخاص اضطروا إلى المكوث في حجرة صغيرة تسمى الجحيم إلى أن توّصلوا أن الجحيم هو الناس وأن الحل هو العزلة. لكن هل يحمّل هذا الاقتباس قدرًا من الصحة؟ 

لتقريب فكرة العزلة المبتغاة من قبل سارتر وكيف يمكن للآخرين أن يكونوا جحيمًا. من الممكن أن نستذكر ما كتبه الكاتب والفيلسوف الوجودي ألبير كامو روايته الغريب. وهي عن شخصية مرسول الذي كان يفضّل العزلة وعدم التعامل مع الكثير من الأشخاص في حياته. فمرسول الذي كان يشعر بالاستياء من أشعة الشمس، ومن يتحدث كثيراً فوق رأسه. وهو الذي كان يحاول أن ينشغل بأحواله الخاصة. بمجرد بدئه في التعامل مع البعض وصنع صداقات وجد أنه يقع في مشكلة تلي الأخرى. آخرها اضطراره إلى قتل أحدهم عندما خرج عن طوره و دافع عن نفسه. فيجد نفسه يعاقب على فعله بالإعدام لذنب اقترفه لكن لم يكن يعنيه بصورة حقيقية. 

لكن هل فعلاً الآخرون هم الجحيم؟ ومن هم الآخرون؟ وكيف يمكننا تحديد هويتهم؟ وهل الآخرون هم من تسببوا في إعدام مرسول؟ جميع هذه الأسئلة تدور حول هذه الفكرة دون الإجابة عليها. وفِي الحقيقة كلما أفكر فيها أتذكر ماذا قال عبدالوهاب مطاوع في كتابه (صديقي لا تأكل نفسك) عن قصة القنافذ. والتي بالفعل تشرح حدود الآخرين كي لا يكونوا جحيمًا. فيحكي مطاوع،  عن أن قصة قديمة رواها أحد الأدباء عن مجموعة من ” القنافذ ” أشتد بها البرد ذات ليلة من ليالي الشتاء فاقتربت من بعضها وتلاصقت طلبا للدفء والأمان، فآذتها أشواكها فأسرعت تبتعد عن بعضها ففقدت الدفء و الأمان. فعادت للاقتراب من جديد بشكل يحقق لها الدفء و يحميها في نفس الوقت من أشواك الآخرين، ويحمي الآخرين من أشواكها .. فاقتربت و لم تقترب .. و ابتعدت و لم تبتعد .. و هكذا حلت مشكلتها”. 

ففي الحقيقة الآخرين، ضرورة، وإضافة، وقوة، لابد من وجودهم. لكن تتلّخص علاقتنا بهم بتحديد حدود هذه العلاقة وتحديد مدى قرب علاقتنا أيضًا بالذين نريد القرب منهم، فنحن أيضاً يمكن أن نصبح جحيمًا للآخرين على حد السواء. وعلى الجانب الآخر، يمكن للآخرين أن يكونوا جحيماً لنا، عندما نصبح نرى حقيقة أنفسنا وقيمتها من خلال نظرة وقبول الناس لنا. فتارة نشعر بأنه يمكننا الإنتماء وتارة أخرى نشعر بأننا منبوذين. فتصبح غايتنا إرضاء وتحسين صورتنا عند الآخرين كي نشعر بوجودنا ومدى استحقاقنا لذلك الوجود. كي نشعر بأننا أفضل ونستحق الظهور والتقدير. ناسيين بذلك أن إرضاء الناس غاية لا تدرك إن شئنا أم أبينا

صفقة قرن واحدة ومواقف متباينة

بين كلمات لعبة، “أنا سندباد” التي كنّا نلعبها ونقول “فلسطين بلادنا واليهود كلابنا، دقوا على أبوابنا زي الشحاتين” وتقاسيم عود مارسيل خليفة وصوت غنائة لكلمات شعر سميح القاسم الثورية، “منتصب القامة أمشي مرفوع الهامة أمشي، في كفي قفصة زيتون وعلى كتفي نعشي” كان يترائى للطفل منا حينها أن القضية الفلسطينية في وجدان العرب أجمع وموقفهم متوحّد اتجاهها. مضت عقود وبات السؤال هل هذا شعور وجداني كاذب أم فيه قدرًا من الصحة؟

فبالرغم من أن سياسيات الدول ومواقف أنظمتها، قد تختلف عن أرآء وانتماءآت شعوبها في شأن القضية الفلسطينية. إلا أنّ ردود فعل الدول العربية وشعوبها كانت في تباين شديد، أعقاب اعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (صفقة القرن)،أو خطة ترامب للسلام بين الفلسطينين والاسرائيليين في الثامن والعشرين من كانون الثاني/ يناير الماضي ٢٠٢٠.

لماذا يرفض الفلسطينيين صفقة القرن؟

شهدت صفقة القرن رفضاً فلسطينياً منقطع النظير لجميع بنودها، حيث أن من أبرزها: إنشاء دولة فلسطينية منزوعة السلاح. القدس عاصمة غير مقسمة لإسرائيل، ويمكن أن تكون هناك “عاصمة فلسطينية في القدس الشرقية”، ومنع حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

وجاء موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس في اجتماع وزراء الخارجية العرب، الذي عقد في القاهرة في الأول من شباط/ فبراير الجاري، بين مشكك ومؤكد لمصداقيته ب”قطع كل العلاقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل، بما في ذلك العلاقات الأمنية”. وتقول المنتجة والصحفية الفلسطينية شهد بن عودة، “إن الشعب الفلسطيني دائما ما يكون الحلقة الأضعف في خضم القرارات السياسية؛ إلا أن الرفض جملةً وتفصيلًا مازال موقفهم المتفق عليه”.

الموقف العربي اتجاه صفقة القرن؟

لا مجال للجزم عندما يأتي الحديث عن الرفض العربي لصفقة القرن، حيث أن المواقف تباينت بين مؤيد ومناهض جهرًا أو سراً، رسميّا وشعبيّا. فلم يخلو مؤتمر إعلان صفقة القرن من العنصر العربي، وحضر سفراء الدول الآتية:الامارات البحرين وسلطنة عمان. بينما في الجانب الآخر جاء رفض الجامعة العربيه لصفقة القرن أعقاب الإعلان عنها، وذلك بحضور جميع وزراء الخارجية الأعضاء العرب. مما قد يخلق شكل من أشكال التناقض بين مواقف العرب الرسمية وردود أفعال ممثليها. ونشرت الدول المؤيدة لصفقة القرن تغريدات رسمية لمواقفها مثل:

وعارضت بعض الدول الصفقة مثل تركيا وإيران والأردن ويقول المدوّن الأردني مهند جهاد بخصوص الشأن الأردنيّ، الأردن هو البلد الأول المعني بهذه الصفقة بعد فلسطين. وذلك لعدة أسباب، أولها ديموغرافية المجتمع الأردني حيث نسبة الأصول الفلسطينية تشكل نسبة ٤٥٪ ، ثانياً وصاية الهاشميين للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وثالثاً تحمل الأردن عبئ إضافي بتوطين اللاجئين الفلسطينين مع إلغاء حق العودة.

مواقع التواصل الاجتماعي تحتضن موجة غضب العرب!

اشتعلت نيران موجة غضب على مواقع التواصل الاجتماعي تزامنًا مع الإعلان عن صفقة القرن ويقول الصحفي اللبناني عباس سرور من محطة الـ”بي بي سي” في لندن، امتد الغضب عقب اعلان الصفقة في جميع البلدان العربية والإسلامية ومعظم البلاد الغربية. وأضاف، يؤكد هذا الغضب أن ما حدث اليوم هو تصفية للقضية الفلسطينية.

وأطلق المستخدمون عدداً من الوسوم المنددة والرافضة لخطة صفقة القرن، مثل #صفقه_القرن و #تسقط_صفقه_القرن و #القدس_عاصمه_فلسطين_الابديه و #القدس_ثمنها_دم و#صفقه_القرن_لن_تمر وغيرها من الوسوم التي وصلت لقائمة أكثر الوسوم انتشاراً في معظم الدول العربية.

وفِي الجانب الآخر، شهدنا تغريدات أخرى تؤيد صفقة القرن مثل:

عندما يلعب الإعلام اللبناني دور القضاء في قضية زوج نانسي عجرم

دفاع عن النفس أم قتل عمد؟،لاجئ سوري لص أم عامل يبحث عن مستحقاته؟ تساؤلات يطرحها الجميع حول قضية مقتل الشاب السوري محمد موسى، على يد زوج الفنانة اللبنانية نانسي عجرم فادي الهاشم. وبين التفسير والآخر سببّ الكشف عن جنسية الموسى “السورية”، ووصفه بالسارق من أولى التغطيات الإعلامية الرسمية، إشعال نيران التحيّز غير المثبت وإثارة الرأي العام. في حين أن المادة 11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص، على أن كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئًا، إلى أن يثبت ارتكابه لها قانونًا في محاكمة علنية تكون قد وفرت له فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه.

وفِي سياق ذكر جنسية الموسى، زادت خطابات الكراهية التي ساعدت في ترسيخ بعض الصور النمطية المتصلة بقضية اللاجئين السوريين في لبنان. والتي تذّكرنا بإدلاءات وزير الخارجية اللبناني المتكررة جبران باسيل، حيث قال الأخير، في كلمة بالاجتماع الوزاري العربي الأوروبي في بروكسل، إن “مليون ونصف نازح سوري أرهقوا لبنان مادياً بخسائر وصلت إلى 40% من ناتجه القومي، وهم يهددون وجوده بتمزيق نسيجه الاجتماعي” حسب ما ورد على سي إن إن. ويقول رئيس قسم الاقتصاد في الجامعة اللبنانية الأمريكية غسان ديبا “يستغل لبنان وجود اللاجئين السوريين لاستجداء مساعدات دولية، واستمرارية اللوم على الأعباء الاقتصادية”. وتحدّث ديبا في هذا الشأن بإسهاب في مقال بعنوان “ماركس ضد سبنسر | أزمة الرأسمالية اللبنانية: استغلال اللجوء السوري” على موقع الأخبار.

بينما بررت نانسي من طرفها على اتهامها باضطهاد السوريين في لبنان في مقابلة برنامج ترندنج على قناة (ام بي سي) قائلة” نحن نتعامل مع الإنسان كإنسان. وردة الفعل أتت من أب رأى شخصا يدخل الى بيته ولا يعرف شيئا عنه يدخل الى حرمة بيته. لو كان لبناني.. لو كان قريبه من لحمه ودمه.. سيتصرف نفس الشيء.

واعتبرت ردود فعل إعلاميين آخرين متحيّزة كذلك، دون صدور حكم قضائي نهائي في قضية الموسى، حيث استضاف الإعلامي اللبناني طوني خليفة زوجة القتيل في لقاءٍ حصري على قناة “الجديد” اللبنانية والتي أظهر فيه تحيّزه الكامل لطرف نانسي عجرم في القضية.

وقال الصحفي بتلفزيون العربي أحمد ياسين في شأن الإعلام اللبناني، “يلعب الإعلام وفق أجندات يرسمها له مموّليه والحزب المسؤول عنه، فإذا أراد أي حزب معارضة الوجود السوري في لبنان، سوف يهاجمه عبر وسائله الإعلامية والعكس أيضاً”. وأضاف ياسين “الإعلام يلعب دور محوري، حيث أنه المسؤول عن البروبجندات والسياسات التي تُرسم، وهو المسؤول عن صناعة الوعي المجتمعي والتوجيه”. ولفت ياسين أن قضية مقتل الشاب في منزل الفنانة نانسي عجرم هي قضية قضائية حاول الإعلام استغلالها لكسب مشاهدين بسبب شعبية عجرم مما أنتج خطاب عنصري متحيّز.

وتحوّل موقع التواصل الإجتماعي تويتر إلى ساحة معركة انقسمت بين متهميّ نانسي وزوجها وبين المدافعين عنهم. فجاء الإعلامي نيشان في تغريدة منصفًا نانسي، وتسائل عما إذا نجحت “عملية السطو”، وقال “ماذا لو أتى الخبر كالآتي: عمليّة سرقة انتهت بِمَقتَل نانسي عجرم وبناتها! كيف كانت لِتَكون ردود الأفعال؟!

وفِي ذات السياق غرّدتا الفنانتين اللبنانيتين إليسا ونديم نجيم دفاعًا ومواساةً لنانسي:

وعلى الجانب الآخر، نرى بعض المشاهير الذين أدانوا موقف الإعلام اللبناني مثل الممثلة السورية كندة علوش والإعلامي اللبناني جوزيف طوق :

اعتصام القيادة يجسّد قوة العمل التطوعي

 

تحت أشعة شمس الخرطوم الحارقة وزوايا شوارعها التي ضخت فيها الحياة بغتةً، يمر شريط حياة خالة عوضية كوكو في اعتصام القيادة العامة للقوات المسحلة السودانية في الخرطوم بكل تفاصيله، كيف هربت من جنوب كردفان الممزقة بالصراعات إلى الخرطوم في ستينيات القرن، وكيف بدأت عقب زواجها  .رحلة امتهان بيع الشاي الصعبة من منتصف الثمانينات إلى يومنا الحالي. لكن تتذكر خلال سرد حكايتها أيضاً جموع بائعات الشاي والنساء عامةً التي ناضلت من أجل تحسين أوضاعهن وحقوقهن في الحصول على حياة كريمة، فتجدها تشير بكل بساطة إلى نيلها “جائزة المرأة الشجاعة” من وزير الخارجية الاميركي السابق جون كيري في واشنطن مارس/آذار 2016. وتقول ساخرة “مشيت البيت الأبيض والبشير ما شافو بعينو”. وكيف عادت إلى السودان مرةٍ أخرى لإكمال مسيرتها من بيتها المكوّن من صفائح واتهام النظام الحاكم عليها بالتجسس. نجد أن عوضية كوكو تسرد أحداث رحلة حياتها وهي تقلي عجين اللقيمات في الزيت وتعد الشاي في شارع القيادة مجانًا لغفير المعتصمين الثوار، مجسدين بذلك ملايين الحكايات التطوّعية كعوضية كوكو وأكثر.

كُرّست الجهود المجتمعية والتطوعية للمواطنين السودانيين التي تجّذرت في الثقافة السودانية من أجل صمود الاعتصام، أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة الذي ما يزال مستمراً منذ السادس من أبريل/ نيسان الحالي، تأكيدًا على الاحتجاجات والمظاهرات التي أشعلت شرارتها منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي لإسقاط نظام عمر البشير.

شهدت الساحة السياسية السودانية تغييًرا كبيرًا، فبعد نجاح الحشد المليوني الذي دعا إليه تجمع المهنيين السودانيين على غير عادة، تحقق مطلب الثورة الأول بسقوط البشير، ونجح الثوار في إسقاط وزير الدفاع عوض بن عوف الذي تنحى عنرئاسة المجلس العسكري الانتقالي بعد يوم من توليه المنصب. ومازال اعتصام القيادة العامة قائم إلى الآن بالرُغم من محاولات فضه. ومازال السودانيون معتصمين إلى أن يتم تحقق مطالب الشعب بإسقاط المجلس العسكري الإنتقالي وتسليم الحكم إلى سلطة مدنية انتقالية.

image

وعملت الجهود المجتمعية والمبادرات التطوعية على دعم الحراك الثوري في السودان واستمراريته. كما أكد الباحث في جغرافيا ومجتمع السودان  د/ جمعة كندة، “إن الاعتصام فعل سياسي ذو أهداف سياسية شعبية بالدرجة الأولى”، وأضاف “وتم استخدام ثقافة التضامن الاجتماعي والتطوع المتجذرة فى الثقافة السودانية فى تحقيق أهداف الثورة”.

 

 كما نرى ذلك جلّيًا في مقطع الفيديو من اعتصام القيادة العامة

مظاهر التطوع في القيادة العامة عديدة ومتنوعة، فبمجرد بدء الاعتصام تشكّلت لجان تطوعية خدّميه من أجل ضمان استمرار الاعتصام والوصول إلى أهدافه، مثل لجنة التفتيش والتي تتواجد في كل المداخل للحفاظ على أمن ميدان الاعتصام، فيما يتطوع الكثير من الأفراد، والمؤسسات، والمبادرات التطوعية بتأمين ماء الشرب ومختلف أنواع الأطعمة. ولم يخل الاعتصام بالتأكيد من نقاط العيادات ونقاط الطوارئ لعلاج المعتصمين، حيث يتطوع عدد كبير من الأطباء بصورة مستمرة، فيقول الطبيب أنس الإمام “بالكاد تتكرر وجوه الأطباء في العيادة الواحدة لأكثر من يوم” وأضاف ” حالات المصابين أثناء الاعتصام تعتبر أساسية وبسيطة إلى حد ما، مقارنة بأنواع الإصابات سابقًا طوال الأربعة أشهر الماضية، نظرًا لاختلاف أساليب قمع المتظاهرين، ويتم تحويل الحالات الخطيرة إلى المستشفيات المجاورة فوراً”

:وإذا تم التساؤل عن خلفيات وأعمار مختلف المتطوعين ففي المقطع الصوتي سوف نجدها متفاوتة ومتنوعة

لم تقتصر مظاهر التطوع في الاعتصام على اللَجان الخدمية فقط، بل امتاز بتعزيز الجانب الترفيهي والثقافي بوجود مسرح و شاشات كبرى للهتاف والندوات والعروض الموسيقية مثل حفل الفنان أبو عركي البخيت رغم ابتعاده الطويل عن الساحة الفنية، وبث المباريات العالمية والأفلام المستقلة مثل فيلم “سجن الكجر” للمخرج السوداني محمد كردفاني الذي تدور أحداثه حول الصراع النفسي الذي يعيش فيه ضابط الأمن السوداني. بالإضافة إلى أركان النقاش المختلفة السياسية والتوعوية ومكتبة الكتب، وازدهار المشهد الفني من خلال الجداريات التي زينت جدران المباني حول ميدان الاعتصام وفي شوارع السودان بشكل عام

أشكال تكاتف الشعب السوداني كثيرة، بدايةً من حركات النفير عند سيول موسم الخريف ومساعدة المتضررين، إلى ثقافة “دق الشير” أي جمع التبرعات لعمل معين، وفضلًا عن عمل مختلف الجمعيات والمبادرات الخيرية التي تعمل على تغطية حقوق المواطن الأساسية كالماء والكهرباء، التعليم والصحة، والمأكل والملبس. ولفت مؤسس منظمة “مجددون السودان” فارس النور إلى “إن العمل التطوعي في السودان كان من الأسباب التي ساعدت النظام بطريقة غير مباشرة في الاستمرار في الحكم لمدى تغطيتها جوانب أساسية عديدة في حياة الإنسان”

 

أصوات وكراكيب..

يبدو أن كتابة اليوميات كل يوم مسؤولية يجب عدم الإخلال بها، ولكن للأسف تم الإخلال بها من الْيوم الثاني مباشرةً لول، على ما أعتقد المشكله تكمن في أنني أفكر في أحداث يومي واسرد كل التفاصيل في عقلي قائلة أنني سوف أباشر الكتابة بعد قليل، ويبدو أن هذا القليل يمتد الى ما لانهاية. عموما ها أنا أكتب أخيرًا ولذلك تدوينة الليلة هي للأمس واليوم.

لابد أن أذكر أن حديثي الْيوم برعاية برنامج أصوات تقديم ياسر حارب على قناة MBC والأهم أن عزيزي حسام هلالي أحد أعضاء فريق كتابة البرنامج. بما أن الحديث قادنا إلى حسام هلالي وأستاذ ياسر حارب، ففي الْيوم الذي زرت فيه شركة جينوميديا للإنتاج الفني لتسجيل مقابلة مع حسام هلالي عن دور الفن في المجتمعات، قابلت ياسر حارب حيث كان يعتقد أنني أخت حسام مشيرًا إلى صورة لنا سوّيا على فيسبوك.فتجاذبنا أطراف الحديث بصورة سريعة والمضحك أنني بعدما عدت إلى المنزل استوعبت أنني فقط للتو تحدثت مع ياسر حارب كاتب بيكاسو وستاربكس الذي قرأته قبل عدة أعوام وأتابعه على تويتر ولَم يخطر ببالي ذلك أبدًا.

الآن دعنا نعود لبرنامج أصوات فهو برنامج مدة حلقاته لا تتعدى الربع ساعة، لكنّه للآن كما شاهدت يحمل كمًّا مُركَّز من المعلومات تجهزّك لكمّا أكبر من التساؤلات. عنوان الحلقة الأولى كان “الحياة العادية” حيث تتحدث عن رغبتنا في الحصول على حياة استثنائية وأن نصبح استثنائيين، أيضا مدى سعادة الأشخاص الذين يضعون جُل اهتمامهم ومجهودهم لذلك وطرح كثير من الأمثلة التي تشير على أن حقيقة السعادة في اللحظات والتفاصيل الصغيره وحتى في الأهداف قصيرة المدى.

ذلك جعلني أتذكر إجابتي على أخي عندما سألني بعد عدة أشهر من بدأ دراستي في كلية محمد بن راشد للإعلام “وماذا الآن يا رزان، ايش الهدف الجديد؟ مش شايفينك بتعملي حاجه” ويقصد بسؤاله هذا أنني لا أنجز الكثير بخصوص الإعلام حيث أنني أمضيت أكثر من عام فقط أجهز نفسي للقبول في الكلية كهدف أكبر، ولا أنكر شعوري بالخواء بعد أن حققت الهدف وبنفس الصيغة سألت نفسي وماذا الآن؟ وكأن لابد أن اخلق لنفسي هدف جديد ليس من السهل الوصول إليه يجعلني أضع جُل تفكيري وتركيزي فيه دون عيش جوهر اللحظات. لكن كانت إجابتي أنني فقط أعيش ما حققته مع بعض الأهداف الجانبية.

الحلقة الثانية من أصوات كانت بعنوان “لماذا نتعلق بالأشياء” تطرح وتجاوب أفكار عدة بخصوص التعلق سواء التعلق بالأشخاص والعلاقات، التعلق بالأراء والأفكار، أو حتى التعلق بالأشياء والماديات وبصرف النظر أنه من المؤكد أنني سوف أكتب عن التعلق والتمسك بالأراء والأفكار في وقتٍ آخر .

جاءت الحلقة في وقت مناسب جدا وذلك لأن الْيوم انتقلت إلى غُرفةٍ ثانية في السكن الجامعي ومع إنه لم يمر أكثر من ٩ أشهر على وجودي هنا فأثناء نقلي للأشياء وترتيبها وجدت أنني أُكوّم أشياء كثيرة لم أستخدمها قط منذ أن خزنتها، وأن أشياء كثيرة تأخذ حيّز فقط دون أي جدوى علمًا أن هذا فقط في ٩ أشهر .

هذا يعيدني أيضا لكّم الأشياء التي تم رميها عندما قررنا الانتقال إلى السودان والكم الأكبر من الأشياء التي تم شحنها ولَم تفتح أو نحتاج إليها حتى الآن.

بالطبع لا ننسى أن نقيس تعلّقنا بكل الكراكيب بغض الطرف عن ماهية هذه الكراكيب سواء كانت كراكيب فكرية، بشرية، أو كراكيب بمعناها الحقيقي ههه.

وبما أني تحدثت عن الغرفة الجديدة فالآن اتشاركها مع فتاة مصرية تبدو لطيفة والمختلف والأكثر أهمية أنني الآن سوف أعيش مع شخصية أفهم لغتها وتفهم لغتي، نتشارك الثقافه، واللغة، والخلفية إلى حد ما، وإن دل ذلك على شيء فسوف يكون أنه شيءمثير للأُلفة والريبة حقيقةً.