أين ترسم الخطوط الرفيعة بين الصحافة والفضائح؟

بشعرها المستعار ونظاراتها الداكنة، تخرج خلسة الأميرة البريطانية ديانا لملاقاة عشيقها، هرباً من كابوس لقطات “الباباراتزي” أي “المصوريين الفضوليين”. اكتئاب وشعور بالتقيد، حياة بتعليمات وقوانين، وحياة مشاعة للعامة وحكمهم، هي الحياة التي عاشتها الأميرة البريطانية الراحلة ديانا، وإلى ذات الأسباب تشار أيادي الاتهام إلى فشل علاقاتها وحادثة وفاتها.

فترصد البابارتزي “المصورين الفضوليين” حياة الأميرة ديانا منذ بداية زواجها بالأمير تشارلز وتفاصيل طلاقها، ومن ثم تفاصيل علاقتها بطبيب القلب الباكستاني الأصل، والتي انتهت بسبب صعوبة تقبله انعدام الخصوصية، وصولاً إلى حادث السيارة الذي تسبب في مقتلها هي وعشيقها عماد الفايد والسائق هنري بول. وحتى يومنا الحالي، مازالت شكوك مقتلها تلتف حول مضايقة الباباراتزي، فهل حقاً حياة المشاهير والشخصيات العامة مستباحة؟ أم خطوط الخصوصية متغايرة؟

تاريخ طويل وأمثلة متعددة

لم تقتصر أمثلة الشخصيات العامة التي تضررت من مضايقات الباباراتزي وصحف الفضائح على قضية الأميرة ديانا، فعلى مر القرن الواحد والعشرين توالت الأمثلة إلى يومنا الحالي، ومازالت لقطات الباباراتزي تلاحق الأمير هاري وزوجته ميغان ميركل حتى بعد تخليهما عن منصبهما الملكي، والانتقال إلى العيش في كندا، حيث نشرت بعض الصحف صوراً لميركل أثناء تنزهها مع طفلها وكلابها الشخصية. وبحسب صحيفة الغارديان، لم تعلم ميركل بوجود المصورين، وتم أخذ الصور دون موافقتها، ولهذا السبب رفع الزوجين دعوى قضائية ضد المصورين.

أين يقف القانون؟

يقول المحامي محمد الزين في تصريح خاص عبر تطبيق واتساب أن ” أي شخص يعرض عمل فنياًِ، أو أدبياً، أو سياسياً، أو غيره إلى الجمهور، أو يتحدث في الحياة العامة للناس، يحق لأي صحفي أن يتناول ما يعرضه هذا الشخص للتقييم والنقد”، ويضيف الزين: “لكن لا يحق لأي شخص أن يتناول الحياة الشخصية للنشر، إلا إذا أتى هذا الشخص بسلوك يتنافى مع واجبات وظيفته”. وبالتالي، لا يحق للمصورين مثلاً تصوير ميجان ميركل لأنها لم تعد أميرة، ولم تتقدم بسلوك ينافي واجبات وظيفتها.

الجميع أصبحوا باباراتزي

يشير المدون عبدالرحمن عريبي في تصريح خاص عبر تطبيق زوم إلى أن “هناك أوجه أخرى للفضائح والإثارة، ففي عصر الهواتف الذكية والكاميرات مناسبة السعر ووسائل التواصل الاجتماعي لم يعد “الباباراتزي” مقتصراً على من يمتهنون هذا النوع من التصوير والصحافة”. مضيفاً: “معرفة عموم الناس بالقانون في هذا الشأن أمر مهم حتى لا يقعوا تحت المساءلة القانونية”.

وتقول الكاتبة في موقع “فوشيا”، الذي يقدم صحافة ترفيهية، ميرا الصافتلي في تصريح خاص عبر تطبيق واتساب إن “حسابات المشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تعد من أهم مصادر أخبار المشاهير في الآونة الأخيرة”، وتضيف الصافتلي: “بالرغم من أن الصور والأخبار المثيرة تعتبر عاملاً مهماً لزيادة عدد القراء، إلا إن ذلك يضع ضغوط كبيرة حول المؤسسات والصحفيين إن كان المحتوى دون موافقة الشخصية المعنية بالأمر”.

ويذكر أن الباباراتزي كلمة إيطالية الأصل، وتعني في الثقافة الشعبية الإيطالية “الصوت المُزعِج الصادر عن البعوض”، وأصبحت مُصطلحاً شهيراً يُطلَق على المُصوِّر المُطارِد للمشاهير بهدف التقاط صورة، أو بعض الصور، على أمل الاستفادة منها عبر بيعها لوكالات الأخبار، أو المواقع، أو الصُحف والمِجلات. وتم تناول قصة الأميرة ديانا في فيلم درامي يحمل اسمها (ديانا)، أصدر في بريطانيا وفرنسا عام 2013، وهو فيلم من إخراج أوليفير هيرشبيجيل، وبطولة الممثلة نعومي واتس.

أضف تعليق