الإعلام في زمن الديكتاتورية المثالية

يبدو أن مقولة السياسي وزير الدعاية النازي و”بوق هتلر” جوزيف غوبلز «اكذب اكذب حتى يصدّقك الآخرون ثم اكذب أكثر حتى تصدّق نفسك» مازالت من كلاسيكيات البروبجندا السياسية التي لا ينفك السياسيون عن نهجها إعلامياً.

يأتي الفيلم المكسيكي “الديكتاتورية المثالية” اخراج لويس استارادا بكوميديته السوداء، بتصوير مقولة جوبلز جملةً وتفصيلًا. فتدور أحداث الفيلم حول جهود وتعاون المحطة الوطنية “تي ڤي إم إكس” مع السلطات لتلميع شكلها ودعم خططها. وذلك بدايةً عندما عملت على إلهاء الرأي العام عن فضيحة قول الرئيس المكسيكي عبارة عنصرية “المكسيكيون يعملون بشكل أفضل من السود” في لقاء مع السفير الأمريكي بالمكسيك.

وذلك عبر نشر فضيحة أخرى لحاكم المحافظة الأكثر فقراً في المكسيك كارميلو فارغاس، في شكل فيديو مسرب له وهو يتلقى رشاوى ويتعامل مع تاجر مخدرات. فنجد أن  المحطة استعلمت ما يسمى استراتيجية “التابوت الصيني” وهي إلهاء الرأي العام وبقية المؤسسات الإعلامية، عن فضيحة ما بفضيحة أخرى مفتعلة أو حقيقية.

تزيد جرعة الفساد في الفيلم عندما يقرر ذات الحاكم فارغاس إبرام عقد بأموال طائلة من خزينة الدولة مع المحطة الوطنية، لتكثيف الجهود والتغطية الإعلامية التي تصب في مصلحته، مؤديةً بذلك إلى تحريك الرأي العام والأصوات للانتخابات الرئاسية نحوه.  

وبالرغم من أن الفيلم يبدأ بإقتباس “في هذه الأيام كل الأسماء خيالية، بينما الحقائق واقعية بشكل مدهش” إلا أننا لسنا بحاجة إلى فيلم كي نتأكد أن السلطة الرابعة تلعب دورًا محورياً في السياسة.

فيقول الصحفي والكاتب حسام هلالي “بالنظر إلى الانتخابات الأمريكية في ٢٠١٦ نجد أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يكن ليصل إلى منصبه دون لغته البسيطه وشعاراته الرنانة التي خاطبت الفئة المتوسطة التعليم والدخل من الأمريكيين”. وأيضاً “طعنه الدائم في الإعلام المعارض بأنه ” أخبار مفبركة”” ويضيف هلالي ” ناهيك عن لغته غير المنمقة وتصريحاته النارية التي أتاحت له أخذ نصيب من التغطيات الإعلامية بصورة مستمرة دون اللجوء إلى عمل حملات دعائية ضخمة مثل هيلاري كلينتون”.  

وفي حالة أخرى يعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست). أحد أهم الأحداث التي لعب الإعلام دوراً محورياً في توجيه المواطنين نحو التصويت لهذا القرار. وبحسب تقرير على موقع الجزيرة تواجه العديد من الوسائل الإعلامية البريطانية خصوصاً ذات التوجه اليميني تهم “تضليل المواطنين ونشر الأخبار الكاذبة” في شأن استفتاء البريكست.

ويقول الصحفي المصري المستقل حكيم عبدالنعيم يمكن أن نرى أن لعبة الإعلام السياسي في مصر في أوج أشكالها حيث الآن في عصر الرئيس عبدالفتاح السيسي لا مكان للإعلام المعارض بتاتاً. وأضاف “ولا يمكن إنكار لغة السيسي والمحاولات الإعلامية في بداية حكمه في تصويره كمنقذ مصر من جماعة الإخوان وبطشهم”

بينما يقول المدوّن السياسي والصحفي في تلفزيون العربي أحمد ياسين، “لا يختلف حال لبنان عن كل الأمثلة السابقة، فجميع الوسائل الإعلامية مسيّسة وتتبع أجندات الأحزاب الممولة لها دون الالتفات للحقائق”.

أضف تعليق